موسم الهجرة الى الشمال
لـــ الطيب صالح
لـــ الطيب صالح
موسم
الهجرة إلى الشمال في عنوانها قد يتلخص مضمون الرواية كلها؛ عن الهجرة
التي غالباً ما تكون إلى بلاد أكثر دفئا لا إلى بلاد “تموت من البرد
حيتانها” كما يأتي على لسان بطل الرواية..
الرواية
التي قد يبدو للوهلة الأولى “محمود سعيد” بطلها بلا منازع؛ يتكشّف لك حين
توغل في صفحاتها أكثر أن الشخوص والأماكن والعادات هم أبطال أيضا؛ ولا
يجوز أن نغفل دور “الرّاوي” الذي لا اسم لـه؛ ولربما كان ذلك مقصودا؛
فالراوي مجهول الاسم ما يزال يمضي مستكشفا سيرة مصطفى سعيد؛ الذي ترك في
أوروبا أمجاداً بعد حياة حافلة انتهت نهاية غامضة؛ وعاد إلى السودان
ليمارس حياة أبسط ما يمكن أن يطلق عليها “حياة تقليدية”، كلما تقدم الراوي
في هذا الاستكشاف ؛ كلما تبدى لنا شبه الراوي بمصطفى سعيد؛ حتى أن أرملة
الأخير وقعت في غرامه للتماهي الكبير بينه وبين زوجها – كلاهما تعلم في
بلاد الغربة؛ كلاهما له ذات الفكر تقريبا؛ كلاهما رأى بلاده على واقعها؛
بلدا تطورت فيها الآلات والمباني؛ ولكن لم يتغير شيء في ثقافة الناس
ورؤيتهم للأمور؛ كل شيء ما زال على حاله.