تحميل رواية ( لا بحر في بيروت ) لـ غادة السمان

شير فى الخير
تحميل رواية ( لا بحر في بيروت ) لـ غادة السمان
"العاصفة تشرنق المدينة بالمطر والظلمة وزعيق الريح. غرفتي خائفة مدفونة في أحشاء البناء، الساعة تلهث فوق الحائط وتكاد عقاربها تشير إلى الثانية عشرة مكتبتي المتخمة تتوهج بالتحدي، والمطر يتطفل على النافذة، وعلى وجهك الذي يطل أبداً خلف أية نافذة منذ عرفتك. أمامي حقيبة سفر مفتوحة ستكون ممتلئة بعد دقائق... وورائي ساعة وحائط ومكتبة تمردت عليها لأني اخترت النافذة والمطر، والظلمة والمجهول، ووجهك الذي يطل أبداً خلف أية نافذة، ولأن في صنين، وراء الثلوج وراء المطر، وراء اللون والصوت والصدى، قمة منسية في آماد الوحشة اللامتناهية، ولأننا سوف نبحث عنها، سوف نذهب إليها، سوف نحترق فيها، وسوف ننطلق منها إلى الحقائق الصلبة النائية، ولن نعدو وسوف نهوم طيرين، ذئبين، ذرتين، ولا شيء، سوانا سيقولون هربا! ولن نلتفت لنقول لهم أننا لم نهرب وإنما رحلنا حينما فقدنا إحساسنا تماماً بوجودهم... إنني أسمع مديري يصرخ: "تلك المجنونة كانت أكثرهن ثقافة واتزاناً وعملاً! ثم تتولى زوجته شرح الحكاية المثيرة للصديقات، وما أكثر صديقاتها يوم تؤلم في الدار فضيحة: كنت أتوقع لها ذلك منذ البداية، عانس جميلة، ولا أهل لها، ولا أهل لها، كتاب واحد في مكتبتها الضخمة يدفع بأي عاقل إلى الجنون: فليقولوا ما شاؤوا... اني أتفجر، أتمزق شوقاً للرحيل. ثلاثين عاماً وأنا أبحث وعبثاً أبحث، وأنا أظن أحياناً أنني وجدت شيئاً كنت فأرة مكتبة. رقصت مع شياطين "ميلتون" وطفت بالجحيم مع دانتي، وزحفت في أزقة باريس مع زولا، وتهكمت مع فولتير، وماذا بعد؟ لا شيء؟ لا شيء سوى أنني لم أجد الحقيقة التي تسندني. تعيد خلفي، تميزني، تمنحني خصوصيتي في هذا الضياع الرحب. لا شيء. ميدوزا الثقافة حجرتني، زادتني تشويهاً، وظل السؤال يمزقني: وماذا بعد؟ وما معنى هذا كله؟ حتى التقينا، فعرفت أن الحقيقة الوحيدة هي الرجل المحب المحبوب. لا، لست نادمة، أنت فرصتي الأخيرة والوحيدة. ولن أتردد". ننطلق مع غادة السمان عبر عوالم يسكنها أشخاص نتحد معهم ويضحي الواحد منهم في لحظة من لحظات أكدت جزء من ذواتنا أو ذواتنا بكليتها وما كنا نتوق إلى البوح به أو إلى قوله نسمعه، نعيه، ونثق بحاجتنا إلى ضرورة الانطلاق من عقال الأسر، ومن سجن الصمت وتتسلل لغة غادة السمان إلى حافظتنا، ونحتفظ بالكثير من معانيها القافزة من معين البساطة ومن حروف الكلمات ومن عمق الأفكار، وتأتلف نفوسنا مع قصصها إلى النهاية. 
 

 لتحميل الروايه اضغط على الرابط التالى


 
انشر الكتاب فى صفحتك على الفيس بوك